الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أيها الإخوة المسلمون : إن من أكبر فضائل الإنسانية هي الإحسان إلى كبار
السن ومن أكبر جرائمها هي إساءة معاملتهم ، والأمة التي تهين كبارها إنما
تهين نفسها وتتنكر لأصلها.
... فليس من الوفاء لكبارنا أن نتركهم فريسة الضعف والعجز والمرض والحاجة
والفقر ... لنجعل ما تبقى من أعمارهم أحلى وأجمل مراحل حياتهم ... لنحقق
لهم شيخوخة تستعذب الحياة الطيبة لا شيخوخة تقف على أعتلب الموت وتنتظر
الفناء.
لابد للمجتمع كله بأفراده ومجموعاته ومؤسساته ودولته أن ينتظموا جميعا
لإعادة الحقوق إلى أصحابها بما يضمن لشيوخنا احتياجاتهم النفسية
والاجتماعية والاقتصادية والصحية والترويحية ، وتمكينهم من فرص المشاركة في
المجتمع بقدر طاقتهم....لنشعرهم بأهميتهم ومدى حاجتنا إليهم وأنهم الأصل
ولا يمكن لنا أبدا ان نستغني عن خدماتهم وخبراتهم وحكمتهم.
ومن الخطوات العملية في هذا الشأن ، إنشاء جمعيات تهتم بأمور الكبار وتلبي
حاجاتهم المتنوعة ، وإنشاء نواد خاصة بهم يقضون فيها أوقاتهم ويرفهون فيها
عن أنفسهم بدلا من الجلوس في المقاهي والأرصفة وافتراش الأتربة في هيئات
تحط من شرفهم وسمو مقامهم.
ومن واجب المجتمع نحوهم الارتقاء بنظام التقاعد في مفهومه وخدماته ، فيكون
مستواهم المعيشي بعد التقاعد خيرا منه أثناء الخدمة ..فيقبلون على التقاعد
في فرح وسرور لأنهم ينتظرون الجزاء بعد العطاء ، وليس بعد الخدمة إلا
الوفاء... كما ينبغي على المجتمع أن يقدم لهم جميع التسهيلات في الشارع
والإدارات وسائر المؤسسات فيحظون بالأولوية في الحصول على الخدمات...
أوتخصص لهم أجنحة خاصة في المصالح المختلفة ..فمن العيب والعار أن يصطف
الكبار مع أبنائهم الصغار في طوابير طويلة، أو أن يقف الشيوخ ويجلس الشباب
في الحافلات وفي غيرها.
وينبغي تذكير الكبار أنه كما لهم حقوق فعليهم واجبات نحو أنفسهم ومجتمعهم
...فليست الشيخوخة دائما قعودا وكسل بل هي في كثير من الأحيان قوة وعطاء
،وهذه الشيخوخة القوية المعطاءة يعد لها منذ الصغر بالحفاظ على الصحة وتجنب
أسباب الضعف والعلل كالدخان والخمر والمخدرات وسائر الفواحش مصداقا لقوله ـ
صلى الله عليه وسلم ـ (خذ من شبابك لهرمك ومن صحتك لمرضك.)
وهذه الشيخوخة جمالها الوقار والسكينة والزهد والإقبال على الخيرات وترك
المنكرات، ويدنسها المزاحمة في الدنيا وحب المال والافتتان بالشهوات
ومقارفة الفواحش والمنكرات وفي الحديث : (لا يدخل الجنة شيخ زان، ولا
مسكين مستكبر، ولا منان بعمله على الله) الطبراني.
وليعلم الشباب أنهم حينما يكرمون الكبار فهم في الحقيقة يكرمون انفسهم
حينما يكرمهم غيرهم وهم كبار، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما
قال (( ما أكرم شاب شيخا لِسنِّه إِلا قيَّضَ اللهُ لهُ مَن يُكرمهُ عندَ
سِنِّه )) . الترمذي